-A +A
أحمد أبو عمرو الغامدي
الطيبة التي يتحلى بها غالبية أفراد المجتمع السعودي ناتجة من التربية الدينية التي تشربوها وحبهم لفعل الخير، وهذا ما جعلهم للأسف هدفا سهلا ومطمعا ميسرا لأصحاب النفوس الضعيفة والخبيثة داخليا وخارجيا. وما حفل به شهر رمضان الماضي من مفاجآت غير سارة لنا من قتل للوالدين والأقارب ولرجال الأمن وفي حرم مسجد نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم من قبل الإرهابيين الدواعش، يفترض أن يكون بمثابة خط الإنذار الأحمر لنا كي ننتهج سلوكا حذرا مختلفا فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.
وأحد الأمثلة على العواقب غير المحمودة لطيبتنا التي هي في غير مكانها ما لاحظناه خلال شهر رمضان الفائت من انتشار للمتسولين بشكل غير مسبوق، نساء وأطفال عند إشارات المرور ومحطات الوقود وصرافات البنوك والرجال في المساجد والأسواق، حتى عمال النظافة وبزيهم الرسمي تركوا أعمالهم وامتهنوا التسول وأزعجوا الناس في كل شارع وزاوية. والملاحظ أن توزيع هؤلاء المتسولين وتناوبهم كان أشبه ما يكون بتنظيم سري لعصابات تتقاسم الأمكنة والأزمنة بشكل مقنن يضمن الوصول لجيوب المواطنين أينما كانوا، وقد تنقلت شخصيا خلال شهر رمضان بين حائل والمدينة المنورة وجدة ومكة المكرمة والطائف والباحة وللأسف وجدت أن هذا هو الحال فيها جميعا دون استثناء. ولعل قضية التسول في شهر رمضان المبارك ليست بالجديدة علينا، ولكن خطورتها التي ينبغي التنبه لها حاليا تتمثل في عدة أمور منها: أنها انتشرت وعمت، ومن يدري فقد يكون بعض هؤلاء المتسولين منخرطين في عصابات تدار عن طريق إرهابيين يهدفون لجمع أموالنا ليقتلونا بها! ومن ذلك أن هذه الظاهرة شوهت واقعنا الجميل، وهي تثير سؤالا عن مصير ملايين الريالات التي تنفق سنويا على الجمعيات الخيرية لتسد رمق الأسر الفقيرة، لماذا لم تكن كفيلة بالقضاء هذه الظاهرة؟ وماذا عن حملات مكافحة التسول التي نسمع بها بين الحين والآخر، لماذا هي متواضعة لهذا الحد الذي لا يجعل لها أثرا يذكر؟

وإذا كان معظم من يمتهن التسول في بلادنا غير سعوديين فلماذا نسمح لهم بذلك؟.. إلى أين ستقودنا طيبتنا؟